جاد رعد ، مدير مركز الصين بالعربية الفصحى، استاذ جامعي
مقالة منشورة على موقع قناة العرب والعزة
almanar
16 June، 2022
تواجه الصين بفعالية الإمبريالية الغربية ومشاريعها الاستعمارية والتوسعية حول العالم. رفض الجناح اليميني الحاكم عالميا قبول الواقع ورفض الاعتراف بالثورة الصينية. لذلك، اخترعت “دوائر علم الصينيات الغربية” مجموعة كاملة من “وجهات النظر التاريخية الصينية المزيفة”، والتي يمكن تسميتها “نظرية المملكة الوسطى” و/او”نظرية الإمبراطورية الصينية” ومفادها ان الحضارة الصينية استمرت لأنها اكتسبت شكلا إمبراطوريا.
اخترع الغربيون “الإمبراطورية الصينية العظمى”، من أعمال الدكتور كيسنجر وآخرين، واليوم، من الواضح للعيان “هلوسة” العديد من الغربيين، الذين يعتقدون حقا أن هناك “إمبراطورية صينية عظمى” في تاريخ البشرية. على أي حال، إن نشر صورة تلك “الإمبراطورية الصينية” هي تكتيك ذكي للغاية من أعمال الدكتور كيسنجر.. بغض النظر عن الصين التاريخية أو الصين الحديثة، العمل الجاري حاليا، إنجاز تشترك فيه بعض القنوات، وهو تثبيت قدسية “الإمبراطورية”. إنهم يخبرون العالم أن الصين يمكن أن تجدد شبابها ليس بسبب نضال الشعب الصيني، وليس بسبب الثورة الصينية، ولكن لأن الإمبراطورية بطبيعتها خالدة.
لذلك، كلما ازدادت قوة الصين الجديدة، عزز الغرب ترويج قصة سلالة تشينغ على انها “إمبراطورية تشينغ العظمى” وفق المعنى المعاصر المشوه. إن الغرض الحقيقي من هذا التزيبف للتاريخ الصيني هو بالطبع تبييض السلوكيات الإمبريالية الغربية. ولدت الصين ربما من إمبراطورية (كاحد أشكال الحضارة الإنسانية) وبالتحديد من الإمبراطورية الموحدة، ظهرت الأمة الصينية وعملت بجد لتحقيق السلام، وتقدم الحضارة والازدهار. اخطأ الغرب بالانخراط في الإمبريالية كمشروع لبناء سعادته على حساب شقاء الاخرين. لذلك يبالغون عن عمد في إظهار قوة سلالة تشينغ كامبرطورية عظمى والتقليل/إخفاء السبب الحقيقي لتفوق الغرب المطلق الناتج عن استغلال الاخرين واستعبادهم… هذه الفكرة خطيرة وضارة، هي بمثابة خداع للعالم، لطمس التنوير، وتغييب الثورة الصناعية والعلم الحديث، والممارسات الاجتماعية والسياسية المختلفة التي حدثت في أوروبا وأمريكا الحديثة، إديسون و فورد… لا شيء من ذلك مهم، لا أحد منهم له أي تأثير جوهري: مجرد وجود “إمبراطورية عظمى” يكفي لمقاومة كل شيء. إن تزوير التاريخ بهذا الاسلوب، وقيادة العالم عبر تفريغ وتسطيح العقول “أمر مرعب”.
نفذ الغرب ابتكارات تناسب احتياجاته الخاصة، لكن لماذا يتبناها الشرق الاوسط؟ تعتقد بعض النخب العربية أن دولهم تشبه الصين الحديثة، لذلك من المفيد الاتطلاع على تجربة الصين والتعلم منها، والمناقشة جارية في وسائل الإعلام.
يجب بذل الجهود لإثراء فهم الحضارة الصينية بين شعوب العالم
يجب عدم تجاهل المشاعر التي يكنها الغربيون وبعض الشرق أوسطيون وغيرهم تجاه أسرة تشينغ. عندما بدأ الغربيون بالاتصال مع الصين، كانوا يواجهون سلالة تشينغ. لذا، بالنسبة لهم، فإن سلالة تشينغ هي الصين، تلك هي اساس الفكرة في خيالهم ومنها تم تنطلق مشاعر الحب والكراهية… يمكن الاستنتاج ببساطة أن بعض الغربيين، عن خبث، يحصرون تاريخ الصين بسلالة تشينغ. في هذا الصدد، لا يوجد حجة منطقية لتغيير التحيز لدى شعوب العالم وإثراء فهم الناس للحضارة الصينية سوى محاربة الاحكام المسبقة.
لم يهتم أباطرة أسرة تشينغ بحسن المظهر، تم تنصيب أن تونغزي وجوانغكسو وكانا لا يزالان ضعيفين ومريضين. لكن انطباع الأجانب هو عكس ذلك تماما. لعبت بعض العوامل دورا غير متوقع، توفي كل من تونغزي وغوانغشو في عز شبابهم. يتناقل الباحثون خارج الصين ، أنه “من المؤسف كون الإمبراطور مات شابا” ويضيفون المشاعر الرومانسية ويجعلوهم “شبابا دائمين”. لذلك ، أخذ هؤلاء الأدبيون والفنيون في الغرب الذين لديهم مشاعر للحضارة الصينية زمام المبادرة في الفن التشكيلي ورسموا الملوك في صورة الشاب الوسيم والقوي. أي من أباطرة تشينغ الشباب رأى الناس صورته في جميع أنحاء العالم؟ إنه زونلونج اي”الإمبراطور الأخير” ، وتونغزي في طبعة عام 1989 من كتاب “حول العالم في ثمانين يوما” ، وهو رياضي ومتغطرس وقوي، و”يجعل الرجل البريطاني الأبيض يسقط على ركبتيه تلقائيا عندما يراه”.
يسأل البعض عن الجدوى من الاصرار على الحقيقة التاريخية؟
“لخير البشرية، إذا كان البشر لا يزالون يريدون التقدم”، لا يمكن إنكار الثورة الصناعية كما لا يمكن نكران صناعات العصر كاختراع المحركات البخارية والكهرباء والمصابيح الكهربائية، ومساهمات العلماء مثل الزوجين كوري، والمجتمع الباريسي، وإنجازات ومساهمات الحضارة الغربية… لذلك، ومن من أجل البشرية جمعاء، يجب التمسك بالحقيقة التاريخية عن الإمبراطورية البريطانية، والحقيقة التاريخية بخصوص القرنين التاسع عشر والعشرين من تاريخ الصين، لمساعدة العالم على التخلص من إغراء “ون أن لي” وامثاله، لرفع شعلة البحث عن الحقيقة بين الحقائق العلمية الموضوعية، ليسطع مستقبل البشرية. يجب ألا يكون البشر على شاكلة “ون آن لي”، الذي “ينهض ويطير” بعيدا عن الارض التي انجبته سعيا الى الاستيلاء على ما ليس من حقه مالا او غير ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق